Monday, August 1, 2016

ويلات الحرب

كانت الساعة تشير الى الثالثة عصراً عندما خرجت من العمل عائداً للمنزل . داعبت وجهى نسمة هواء جميلة فى ذلك النهار الصيفى و أنا أتجه الى محطة الباص لأستقله الى وسط المدينة حيث أسكن .. كان الشارع خالياً من المارّة و الهدوء يسود المكان . وقفت أنتظر الباص و أنا أتأمل الطبيعة الخلّابة من حولى ، الخُضرة فى كل مكان و من بعيد تبدو أشجار الغابة التى تفصل بيننا و بين هولندا .. فجأة رأيت امرأة تحمل حقيبة سفر صغيرة و تمسك بيدها الأخرى طفلة جميلة لا تتجاوز العاشرة من العمر يخرجان من الغابة و يتجهان نحوى .. كانت المرأة ترتدى ايشارباً و فستان طويل ، فيما ترتدى الطفلة بنطلون جينز و بلوزة باهتة اللون و تحمل على ظهرها حقيبة ظهر .
أخذت أتابعهما و هما يقتربان منى بخطوات بطيئة و كلما اقتربا كلما ازداد يقينى أنهما سوريتان .. تقدمت الطفلة نحوى تسألنى بالهولندية عن الباص المتجه الى وسط "أنتويرب"
فسألتها باللغة العربية : انتِ سورية ؟

لا أجد كلمات كافية تُعبّر عن الفرحة التى بدت فى عينيها و هى تسألنى بلهجتها السورية
-  شو ، انت مصرى ؟ فرددت : أيوة ، انتم عاوزين تروحوا فين و أنا أوديكم ..
تقدمت الأم نحوى و هى ترحب بى بصوت واثق لا انكسار به رغم التعب و الارهاق البادى على وجهها الشاحب ذو الجمال الهادىء ، و أخرجت ورقة قرأت منها العنوان الذى تريد الوصول اليه .. طمأنتها أننى سأوصلهما حيث يريدان ، و جلسنا ننتظر الباص فيما بدأت تحكى لى قصتها
..
ذكرت لى أنها فرّت من سوريا هى و ابنتها الصغيرة و ابنها و بعض أقاربهم الى تركيا بعد ان استعرت الحرب فى سوريا ، حيث مكثوا هناك بضعة أشهر فى انتظار فرصة مواتية للسفر الى قريب لهم يعمل فى أنتويرب بشمال بلجيكا ، و فى أحد الأيام جاءها ابنها ليخبرها أنه سيسبقهم هو و أبناء عمومته الى بلجيكا و لكنهم لن يستطيعوا الذهاب معه لأن الرحلة تحُفّها المخاطر ، على أن تلحق بهم هى و ابنتها عندما تحين فرصة آمنة .. و مرت شهور حتى استطاع قريب لهم تدبير سفرهم الى ألمانيا خِلسة ، و من ألمانيا اتجهوا الى هولندا و منها الى بلجيكا حيث التقيتهما ..
جاء الباص فركبناه و أخذت تستكمل لى حكايتها عن المتاعب و المصاعب التى قابلتها هى و ابنتها أثناء رحلتهما عبر ألمانيا ثم عبر هولندا .. كان ما معهما من المال لا يكفى طعامهما ، فسافرا مشياً أحياناً و بالقطار دون دفع الأجرة أحياناً أخرى .. ناما فى العراء أياماً و أسابيعاً حتى وصلا أخيراً الى بلجيكا سيراً على الأقدام للكيلومترات العشرة التى تفصل بين هولندا و أنتويرب ..
كنت و هى تحكى لى أشعر بالألم و المعاناة التى مروا بها ، و لكنها للعجب كانت تتحدث بصوت واثق متفائل لا انهزام به رغم أنها لا تعرف بعد هل وصل ابنها سالماً أم ماذا حلّ به !! كنت أنظر الى الطفلة الصغيرة و أنا أتساءل أى ذكريات أليمة ستحتفظين بها أيتها الصغيرة البريئة ..
وصلنا أخيراً الى وسط أنتويرب ، حيث اصطحبتهما الى العنوان المكتوب و قلوبنا تدُق قلقاً هل سنجد ابنها أم ماذا ..
لحظات مرت كالدهر حتى فتح لنا رجل الباب ، فلمّا رآهما صاح مُرحباً ، و على الصوت جاء من الداخل شاب منطلقاً ليرتمى فى حضن أمه .. قبلات و عِناق و دموع و كلمات متناثرة .. لم أستطع معها حبس دموعى .
قصة واقعية حدثت بالأمس ببلجيكا

هشام الزيات

Saturday, July 9, 2016

يا غائباً



يا غائباً عن عينى ، ما أقربك

فى القلبِ أنت و فى الثنايا

تهفو اليك النفسُ و أرغبك

فأبعث اليك روحى و أكتُم هوايا

لو كنتَ قيداً ما وددتُ كسرهُ

و لو كنتَ وهماً لعشِقتُ المنايا

قد كان لنا فى الماضى ذكرى

أعيشُ معها و لى فيها عزايا

ألمٌ فى البعادِ و كلما اقتربنا

نسيتُ ألمى و تذكرتُ الحَكايا

كيف أنساكى و قد كنتِ روحى

و كيف لا أهواكى و فى قُربِك دوايا


هشام الزيات

ضحك و بكاء



لن يمنعنى عن الضحك أن يموت أحدهم ضَحكاً .. فلن أكتُم ضَحِكاتى خوفاً
و لن يمنعنى عن البكاء أن أتهم بالضعفِ خطأً .. فلن أكتم دموعى خجلاً
بل ستفيضُ مشاعرى نهراً ..

أما من يخاف أو يخجل .. فسيموتُ كمَداً .. أو ستتجمد المشاعرُ على وجهِهِ ما بقى حياً






هشام الزيات

Wednesday, June 22, 2016

لماذا الصراع ؟!!




خرجت الى الدنيا فورثت اسمك و جنسيتك و ديانتك .. لم تخترهم 
تعايشت مع اسمك و جنسيتك ، و ارتاح قلبك لدينك رغم وجود أسئلة لا جواب لها الا بإجابات ضبابية غيبية .. امتنعت عن اعمال عقلك فى الأسئلة أكثر لأنهم لقنّوك ان إعمال العقل فى ذلك يُخرجك من الدين و يُدخلك النار .. 
أخبروك ان دينك هو الصحيح و ما عداه باطل ..
هذا هو حال المسلم و المسيحى و اليهودى و الهندوسى و البوذى و غيرهم من الملل فى كل بقاع الأرض منذ بدء الخليقة و حتى تقوم الساعة .. 
فاعبد ربك على دينك الذى ارتحت له ، و لكن لا تظن انك الوحيد الذى على حق ، فكل الأديان تدعو لمكارم الأخلاق و افشاء المحبة و السلام .. و لكل دين ما يؤيده .. عامل الناس بالحسنى و ارتقى بأخلاقك ما استطعت ..
أما هؤلاء الذين اختاروا ان يُعملوا عقولهم فلا تُكفّرهم و دعهم فى محاولاتهم للبحث عن اجابات ..
فقط ارفض الكراهية للآخر و التمييز على أساس الدين و اقحام الدين فى كل شأن من شئون الحياة .. ارفض سيطرة الدين على حياتنا و على عقولنا .. ارفض التابوهات و الأبواب المغلقة ..
فكلنا نمضى على نفس الدرب ، و ندور فى نفس الفلك و تحيرنا نفس الأسئلة ..


هشام الزيات

Monday, February 22, 2016

إعلان بالحب



أصبحتُ أمضى فى هواكِ متيماً

و بَنيتُ فى فؤادكِ قصرى و معبدى

قد كان قلبى فى الغرامِ زاهداً

و الآن حُبُكِ هو أملى و مَقصَدى

أفنيتُ عمرى للحسانِ عابداً

و عَزفتُ عنهم بعدَ عِشقكِ فاشهدى

هشام الزيات

Friday, February 19, 2016

عروس البحر

وسط موج البحر و الشواطئ الرملية

لقيتك يا عروسة البحر يا مرمرية

قربت و سألت مين انتِ يا أجمل صبية 

من أهل الأرض و الا م البحر جنّية

هزت شعورها و مدت ايد محنّية

و قالت أنا ملاك الحب عالشط منسية

هشام الزيات

حكاوى القلب

و لسه قلبى مليان بالحكاوى 
بالغناوى , بالكلام
لسه حاسس ان سنّى زى أولادى تمام
قلبى بيغنى و يرقص .. بس تايه فى الزحام
السنين جريت بسرعة من بين ايديا
و الزمن ساب خطوط واضحة عليّا
و قام يسابق خطوتى
أمشى يوم يقول سنة .. و أغيب يومين
يضيف عليهم كام سنة
كل يوم يعدى بيقرب ميعادى
و أنا أقول ده كله عادى
بس هاتولى ولادى
اللى سافر و اللى هاجر
و اللى واخداها حياتها
ماهى الحياة دايماً تلاهى

هشام الزيات